آخر المواضيع

الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

ما هو السن المجزئ في الأضحية ؟


س : ما هو السن الشرعي المجزئ والذي يجوز في الأضحية ؟ 
الجواب :
ننقله من كتاب المفصل في أحكام الأضحية حيث جاء فيه :

اختلف الفقهاء في السن المجزئة في الأضحية على ثلاثة أقوال :
1. اتفق جمهور أهل العلمعلى أنه لا يجزئ من الإبل و البقر والمعز إلا الثني فما فوقه ويجزئ من الضأن الجذع فما فوقه .
2. وقال الزهري: لا يجزئ الجذع من الضأن ولا من غيره ، ونقل عن ابن عمر ، وبه قال ابن حزم .
3. وقال الأوزاعي: يجزئ الجذع من الإبل والبقر والضأن والمعز ، ونقل عن عطاء (1).
أدلة العلماء :
استدل جمهور العلماء بما يلي :
1. حديث جابر t أن الرسول e قال :( لا تذبحوا إلا مسنةً إلا أن يَعسر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن ) رواه مسلم (2) .
قال الإمام النووي :[ قال العلماء المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها ، وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع من غير الضأن في حال من الأحوال ] (3).
2. واحتجوا بما رواه أبو داود بإسناده عن عاصم بن كليب عن أبيه قال :( كنا مع رجل من أصحاب النبي e يقال له مجاشع من بني سليم فعزت الغنم ، فأمر منادياً فنادى أن رسول الله e كان يقول : إن الجذع يوفِّي مما يوفِّي منه الثني ) قال أبو داود وهو
مجاشع بن مسعود .
ورواه النسائي وابن ماجة والبيهقي والحاكم وقال حديث صحيح . وقال ابن حزم هو في غاية الصحة (4). وقال الشيخ الألباني : صحيح (5) .
3. واستدل الجمهور أيضاً بحديث عقبة بن عامر الجهني t قال :( قسم النبي e بين أصحابه ضحايا فصارت لعقبة جذعة فقلت : يا رسول الله e صارت لي جذعة . قال ضح بها ) رواه البخاري ومسلم (1) .
4. وفي رواية أخرى عن عقبة بن عامر t قال :( ضحينا مع رسول الله e بجذع من
الضأن ) رواه النسائي وابن الجارود والبيهقي (2) .وقال الحافظ ابن حجر :[ أخرجه النسائي بإسناد قوي ] (3) . وقال الشيخ الألباني :[ وهذا إسناد جيد وقواه الحافظ ] (4) .
وقال الشيخ الألباني في موضع آخر :[ وهذا إسناد جيد رجاله ثقات وإعلال ابن حزم له بقوله :( ابن خبيب هذا مجهول ) ليس بذاك ] (5).
5. وعن أبي كباش قال :( جلبت غنماً جذعاناً إلى المدينة فكسدت عليَّ فلقيت أبا هريرة فقال : سمعت رسول الله e يقول : نعم أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن قال : فانتهبه الناس ) رواه الترمذي وقال: حسن غريب ، وقد روي هذا عن أبي هريرة موقوفاً وعثمان بن واقد هو ابن محمد بن زياد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي e وغيرهم أن الجذع من الضأن يجزئ في الأضحية (6) .
ورواه أحمد في المسند ورواه البيهقي أيضاً (7) .
وضعفه الشيخ الألباني ثم تراجع عن تضعيفه فقال :[ نستطيع أن نستخلص مما سبق من التحقيق أن حديث هلال هذا ( نعمت الأضحية الجذع من الضأن ) وكذا الذي قبله
- حديث أبي كباش وإن كان ضعيف المبنى فهو صحيح المعنى يشهد له حديث عقبة ومجاشع ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لما أوردتهما في هذه السلسلة أي الضعيفة -  ولأوردت بدلهما حديث جابر هذا ] (8) .
6. ويدل لقول الجمهور أيضاً ما جاء في الحديث عن أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول الله e قال :( يجوز الجذع من الضأن أضحية ) رواه ابن ماجة ، وقواه الشيخ الألباني لشواهده (1) .
7. ويؤيد قول الجمهور أيضاً ما جاء عن عمران بن حصين t قال : ( لأن أضحي بجذع أحب إليَّ من أن أضحي بهرم ، الله أحق بالغنى والكرم ، وأحبهن إليَّ أن أضحي به ، أحبهن إليَّ بأن أقتنيه) قال الهيثمي :[ رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح ] (2)
أدلة ابن حزم ومن وافقه :
 احتج ابن حزم بحديث البراء بن عازب t وفيه : أن خاله أبا بردة قال :( يا رسول الله إن عندي عناق لبن وهي خير من شاتي لحم . قال : هي خير نسيكتيك ولا تجزئ جذعة عن أحدٍ بعدك ) .
وفي رواية أخرى أن أبا بردة t قال لرسول الله e :( عندي جذعة خير من مسنتين .
قال : اذبحها ولن تجزئ عن أحد بعدك ) .
ثم قال ابن حزم :[ فقطع عليه الصلاة والسلام أن لا تجزئ جذعة عن أحد بعد أبي بردة، فلا يحل لأحد تخصيص نوع دون نوع بذلك ،ولو أن ما دون الجذعة يجزئ لبيَّنه النبي e المأمور بالبيان من ربه تعالى :} وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا{ ] (3).
ويرى ابن حزم أن قول الرسول e :( لا تجزئ جذعة عن أحد بعدك ) ناسخ لكل الروايات الواردة عن الرسول e والآثار الواردة عن الصحابة بإجازة الجذع في
الأضحية (4) .
ويضاف إلى ذلك أن ابن حزم يضعف حديث جابر الذي احتج به الجمهور حيث قال :
[ وأما نحن فلا نصححه لأن أبا الزبير مدلس ، ما لم يقل في الخبر إنه سمعه من
جابر ] (5) .
أدلة الأوزاعي :
 ومن الحجة للأوزاعي على إجزاء الجذع مطلقاً في الأضحية حديث عقبة بن عامر t :
( أن النبي e أعطاه غنماً يقسمها على صحابته ضحايا فبقي عتود فذكره للنبي e .
فقال : ضح أنت بها ) رواه البخاري ومسلم وقد مضى .
ونقل الإمام النووي عن أبي عبيد من أهل اللغة وغيره : أن العتود من أولاد المعز ، وهو ما رعى وقوي .
ويجاب عن هذا الحديث بأن البيهقي رواه وفيه زيادة وهي:(ولا رخصة لأحد فيها بعدك )    
ثم قال البيهقي :[ فهذه الزيادة إذا كانت محفوظة كانت رخصة له كما رخص لأبي بردة بن نيار ] (1) .
وقال الحافظ ابن حجر مصححاً لهذه الزيادة :[ فإنها خارجة من مخرج الصحيح فإنها عند البيهقي من طريق عبد الله البوشنجي أحد الائمة الكبار في الحفظ والفقه وسائر فنون العلم ، رواها عن الليث بالسند الذي ساقه البخاري ] (2) .

الترجيح :
الذي يظهر لي رجحان قول الجمهور في أن الأضحية لا تصح بالجذع من الإبل والبقر والمعز ، ويصح الجذع من الضأن دون غيره لحديث جابر المتقدم ولا يصح تضعيف ابن حزم له فإن الحديث رواه مسلم  والنسائي وأبو داود وابن ماجة وأحمد ، وقال الإمام البغوي : هذا حديث صحيح . وصححه الحافظ ابن حجر ، وعزاه الزيلعي وابن الملقن والغماري لمسلم وصححوه ولم يذكروا فيه أي علة  (1).
ويؤيد هذا ما جاء في حديث عقبة وحديث مجاشع ، فإن دلالتهما ظاهر ة في جواز التضحية بالجذع من الضأن دون غيره ، وحديث مجاشع وإن كان بعمومه يشمل الجذع من المعز ، فقد جاء ما يدل على أنه غير مراد وهو حديث البراء قال :( ضحى خالي أبو بردة t قبل الصلاة . فقال رسول الله e : تلك شاة لحم ، فقال : يا رسول الله إن عندي جذعة من المعز . فقال : ضحِ بها ولا تصلح لغيرك ) .
وفي رواية ( إذبحها ولن تجزئ عن أحد بعدك ) .
وفي أخرى ( ولا تجزئ جذعة عن أحد بعدك ) رواه البخاري ومسلم وقد مضى .
فالجذعة المذكورة في الحديث كانت من المعز ، ولكن قامت القرينة على تخصيص أبي بردة بذلك (2) .



وقد اختلف جمهور الفقهاء في المراد بالجذع والثني كما يلي :
قال الحنفية : الجذع من الضأن ما تمت له ستة أشهر فيجوز أن يضحى به إذا كان الجذع  عظيماً بحيث لو خلط بالثنيات يشتبه على الناظر من بعد .
وذكر الزعفراني من الحنفية أن  الجذع من الضأن ما كان له سبعة أشهر .
وقيل ثمانية أشهر .
وقيل تسعة أشهر .
والثني من الضأن والمعز ما أتم سنة .
 والثني من البقر ما أتم سنتين .
والثني من الإبل ما أتم خمس سنين (1) .
وقال المالكية : الجذع من الضأن ما أتم سنة ودخل في الثانية .
والثني من الضأن ما أتم سنتين .
والثني من المعز ما أتم سنتين .
والثني من البقر ما أتم ثلاثاً ودخل في الرابعة .
والثني من الإبل ما أتم خمساً ودخل في السادسة (2) .
وقال الشافعية : الجذع من الضأن ما أتم السنة على أصح الأوجه عندهم ودخل في الثانية.  والثني من المعز ما أتم سنتين ، وقيل ما استكمل سنة ودخل في الثانية .
والثني من البقر ما أتم سنتين ودخل في الثالثة .
والثني من الإبل ما أتم خمس سنين ودخل في السادسة (3) .
وقال الحنابلة : الجذع من الضأن ما له ستة أشهر ودخل في السابع .
والثني من المعز ما أتم سنة ودخل في الثانية .
والثني من البقر ما أتم سنتين ودخل في الثالثة .
والثني من الإبل ما أتم خمس سنين ودخل في السادسة (4) .
واختلاف الفقهاء في بيان الجذع والثني مردّه إلى اختلاف أهل اللغة فيهما فلا بد من الرجوع إلى كلام اللغويين في تفسير هذين اللفظين .
أما الجذع فقد قال الأزهري :[ ومن الضأن لثمانية أشهر أو تسعة ] (1) .
وقال الجوهري :[ الجذع قبل الثني والجمع جُذعان وجِذاعٌ والأنثى جذعة والجمع جذعات . تقول منه لولد الشاة في السنة الثانية ولولد البقر والحافر في السنة الثالثة وللإبل في السنة الخامسة : أجذع . والجذع اسم له في زمن ليس بسن تنبت ولا تسقط .وقد قيل في ولد النعجة إنه يجذع في ستة أشهر أو تسعة أشهر وذلك جائز في الأضحية ] (2).
وأما الثني : فقال الجوهري :[ والثني الذي يلقي ثنيته واحدة الثنايا من السن ويكون ذلك في الظلف والحافر في السنة الثالثة وفي الخف في السنة السادسة ] (3) .
وقال ابن منظور :[ والثني من الإبل : الذي يلقي ثنيته ، وذلك في السادسة ومن الغنم الداخل في السنة الثالثة ، تيساً كان أو كبشاً . التهذيب : البعير إذا استكمل الخامسة وطعن السادسة فهو ثني ، وهو أدنى ما يجوز من سن الإبل في الأضاحي وكذلك من البقر والمعزى ، فأما الضأن فيجوز منها الجذع في الأضاحي ، وإنما سمي البعير ثنياً لأنه ألقى ثنيته والثني من الغنم الذي استكمل الثانية ودخل في السادسة ثم ثني في السنة الثالثة   مثل الشاة سواء ] (4) .
وبعد هذا أقول إن ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة في بيان الجذع من الضأن له أساس قوي في لغة العرب وبناءً عليه أرى أن الراجح هو قولهم بجواز الأضحية بما مضى عليه أكثر العام من الضأن وهو الجذع ، أي مضى عليه ستة أشهر فأكثر ، وخاصة إذا كان عظيماً بحيث لو خلط بالثنيات يشتبه على الناظر من بعد .
قال إبراهيم النخعي :[ الجذع من الضأن يجزئ إذا كان عظيماً ] (5) .


(1)المجموع 8/394 ، المغني 9/439 ، تبيين الحقائق 6/7 ، الذخيرة 4/145 ، المحلى 6/13 ، الحاوي 15/76 ، طرح التثريب 5/191 ، فتح الباري 12/111 .
(2)صحيح مسلم مع شرح النووي 5/101 .
(3)شرح النووي على صحيح مسلم 5/101-102 .
(4)المحلى 6/26 ، سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 7/356 ، سنن النسائي 7/218-219 ، سنن ابن ماجة 2/1049 ، سنن البيهقي 9/270 ، المستدرك 4/252 .
(5)إرواء الغليل 4/359-360 .
(1)صحيح البخاري مع الفتح 12/100 ، صحيح مسلم بشرح النووي 5/103 .
(2)سنن النسائي 7/219 ، سنن البيهقي 9/270 .
(3)فتح الباري 12/111 .
(4)إرواء الغليل 4/358 .
(5)السلسلة الضعيفة 1/89 .
(6)سنن الترمذي مع شرحه عارضة الأحوذي 6/236 .
(7)الفتح الرباني 13/72 ، سنن البيهقي 9/271 .
(8)السلسلة الضعيفة 1/95 .
(1)السلسلة الضعيفة 1/95 .
(2)مجمع الزوائد 4/20 ، وانظر مصنف عبد الرزاق 4/385 ، المحلى 6/26 .
(3)المحلى 6/15-16 .
(4)المصدر السابق 6/22-23 .
(5)المصدر السابق 6/20 .
(1)سنن البيهقي 9/270 .
(2)فتح الباري 12/110 .
(1)شرح السنة 4/331 ، فتح الباري 12/111 ، سنن النسائي 7/218 ، سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 7/352 ، سنن ابن ماجة 2/1049 ، الفتح الرباني 13/71 ، نصب الراية 4/216 ، تحفة المحتاج 2/531 ، الهداية 6/187-188.
(2)انظر السلسلة الضعيفة 1/93-94 .
(1)تبيين الحقائق 6/7 ، بدائع الصنائع 4/206 .
(2)الذخيرة 4/154 ، شرح الخرشي 3/33-34 ، القوانين الفقهية ص126 .
(3)الحاوي 15/77 ، كفاية الأخيار ص529 ، طرح التثريب 5/194 .
(4)المغني 9/440 ، كشاف القناع 2/531-532 ، منار السبيل 1/272 .
(1)لسان العرب 2/219-220 مادة جذع ، وانظر تاج العروس 11/58 مادة جذع .
(2)الصحاح 3/1194 مادة جذع .
(3)الصحاح 6/2295 ماد ثنى .
(4)لسان العرب 2/141-142 مادة ثنيّ ، وانظر تاج العروس 19/257-258 مادة ثنى .
(5)الآثار لأبي يوسف ص63 .