آخر المواضيع

الاثنين، 4 نوفمبر 2013

كيفية أداء صلاة الجمعة في الزحام ؟


كتبه : أ. عبد الجليل مبرور
أداؤها في الزحام:

اختلف العلماء[94] في مَن زُوحِم على السُّجود، ولم يجد موضعًا للسُّجود، على أقوال:
فقيل: مَن زحمَه الناس فلم يجد موضعًا للسُّجود، فسَجَد على ظهر رجل أجْزَأَه، وهو مذهب الأحناف[95] والشافعية[96] والحنابلة[97].


ودليلهم في ذلك:
 ما رُوي عن عمر - رَضي الله عنه -: "من اشتدَّ عليه الحرُّ يوم الجمعة في المسجد فليصلِّ على ثوبه، ومن زحمَه الناس فلْيَسجد على ظهر أخيه "[98].

 وقد قال عمر - رَضي الله عنه - هذا في خُطبة بحضور الصَّحابة بغير نكير من أحد، فصار إجماعًا.

 أن ذلك هو ما يَقْدر عليه، فلا يُكلَّف إلا بما استطاع.

وقيل: لا يَفعل وإلاَّ تبطل الصلاة، وهو مذهب المالكية[99].

ودليلهم أنه أخلَّ بركْن؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حديث المُسِيء صلاتَه: ((أمْكِن جبْهَتَك من الأرض))[100].

وقيل: إن شاء انتظر زوال الزحام، وإن شاء سجَد على ظهره، وهو الأفضل، وهو رواية عن الإمام أحمد والشَّافعي في القديم[101].

ودليلهم أنه إذا سجد حصلتْ له فضيلةُ المتابَعة، وإذا انتظر زوال الزحمة حصل له فضيلة السُّجود، فصار مُخيَّرًا بين الفضيلتين.

وقيل: يسجد كيف أمكنه، ولو إيماءً، فإن لم يقدر أصلاً وقف كما هو، وهذا مذهب ابن حزم[102].

ودليله:
 لقوله - جلَّ وعلا -: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة: 286].

 وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا أمرتُكم بشيء، فأْتُوا منه ما استطعتم))[103].

 لا فرق بين عُذْر المرض أو الخوف أو الزحام، وقد صلَّى السَّلف إيماءً في المسجد؛ إذْ كان بنو أُميَّة يؤخِّرون الصلاة إلى قرب غروب الشمس.

الراجح:
الذي يَظهر من خلاف العلماء أن مذهب ابن حزم قوي، غيرَ أن الراجح هو قول الجمهور؛ لحديث عمر - رَضي الله عنه - في خطبته بحضور الصحابة بغير نكير من أحد، فصار إجماعًا.

وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصادر والمراجع
[94] "الأوسط" لابن المنذر - كتاب صفة الصلاة - جماع أبواب الصلاة قبل صلاة الجمعة - ذكر سجود المرء على ظهر أخيه في حال الزحام: "وقال مجاهد: يسجد على فخذ أخيه إذا لم يستطع من الزحام، وممن رأى أن يسجد على ظهر أخيه إذا لم يقدر على السجود بالأرض من الزحام سفيانُ الثَّوري، والشافعيُّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وقال أصحاب الرَّأي: إنْ فَعَل ذلك فصلاته تامَّة، ورُوِّينا عن الحسن البصري أنه قال: إن شِئتَ فاسجد على ظهر الرجل، وإن شئت فإذا رفع الإمام فاسجد، وقالت طائفة: يُمسِك عن السجود، فإذا رفعوا سجد، كذلك قال عطاء، والزهري، وفعل ذلك حجَّاجُ بن أرطأة، والحكم بن عُتَيبة، وكان مالك يرى أن يعيد الصلاة إن سجد على ظهر أخيه، وإن كانت جمعة أعادها أربعًا، وفيه قول ثالث: وهو أن يومئ إيماء إذا لم يقدر على السجود، هذا قول نافع مولى ابن عمر، قال أبو بكر: وبقول عمر بن الخطاب نقول؛ لأنَّه سجود في حال ضرورة على قدْر طاقة السَّاجد، ولم يُكلَّف المصلِّي إلا قدر طاقته".
[95] "المبسوط" (1 / 190) "بدائع الصنائع" (1 / 210) "البحر الرائق شرح كَنْز الدَّقائق" (1 / 611) "مراقي الفلاح" (87) "حاشية الطحطاوي" (232).
[96] "المجموع" (4 / 433) "روضة الطالبين" (1 / 523) "مُغْني المحتاج" (1 / 447) "فتْح الوهَّاب" (1 / 140).
[97] "المُغْني" (3 / 186) "الشَّرح الكبير مع الإنصاف" (5 / 209) "المُحرَّر في الفقه" (1 / 103) "شرح منتهى الإرادات" (2 / 16).
[98] أخرجه عبدالرزاق في "مصنَّفه" (5485) وابن أبي شيبة (2741) وإسناده صحيح.
[99] "المدوَّنة الكبرى" (1 / 228-229) "مواهب الجليل" (3 / 479) "حاشية الدُّسوقي" (2 / 8).
[100] "التِّرمذي" (39).
[101] "المجموع" (4 / 436).
[102] "المُحلَّى" (5 / 78).
[103] البُخاري (7288) ومسلم (6187).