آخر المواضيع

الأحد، 17 أغسطس 2014

ما هي ضوابط الرخص المشروع ؟

ضوابط الترخص المشروع
جمع : عبد الجليل مبرور




قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله :" إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة فأما التشدد فيحسنه كل أحد"( جامع بيان العلم وفضله )1 / 784(وقالها أيضا معمر (ص 785))

وقال الإمام الشاطبي رحمه الله : " أن سبب الرخصة المشقة، والمشاق تختلف بالقوة والضعف و بحسب الأحوال، وبحسب قوة العزائم وضعفها، وبحسب الأزمان، وبحسب الأعمال؛ فليس سفر الإنسان راكبا مسيرة يوم وليلة في رفقة مأمونة، وأرض مأمونة، وعلى بطء، وفي زمن الشتاء، وقصر الأيام؛ كالسفر على الضد من ذلك في الفطر والقصر، وكذلك الصبر على شدائد السفر ومشقاته يختلف؛ فرب رجل جلد ضري على قطع المهامه حتى صار له ذلك عادة لا يحرج بها ولا يتألم بسببها، يقوى على عباداته، وعلى أدائها على كمالها وفي أوقاتها، ورب رجل بخلاف ذلك، وكذلك في الصبر على الجوع والعطش، ويختلف أيضا باختلاف الجبن والشجاعة، وغير ذلك من الأمور التي لا يقدر على ضبطها، وكذلك المريض بالنسبة إلى الصوم والصلاة والجهاد وغيرها، وإذا كان كذلك؛ فليس للمشقة المعتبرة في التخفيفات ضابط مخصوص، ولا حد محدود يطرد في جميع الناس، ولذلك أقام الشرع في جملة منها السبب مقام العلة؛ فاعتبر السفر لأنه أقرب مظان وجود المشقة، وترك كل مكلف على ما يجد، أي: إن كان قصر أو فطر؛ ففي السفر، وترك كثيرا منها موكولا إلى الاجتهاد كالمرض، وكثير من الناس يقوى في مرضه على ما لا يقوى عليه الآخر؛ فتكون الرخصة مشروعة بالنسبة إلى أحد الرجلين دون الآخر، وهذا لا مرية فيه، فإذا؛ ليست أسباب الرخص بداخلة تحت قانون أصلي، ولا ضابط مأخوذ باليد، بل هو إضافي بالنسبة إلى كل مخاطب في نفسه، فمن كان من المضطرين معتادا للصبر على الجوع، ولا تختل حاله بسببه، كما كانت العرب، وكما ذكر عن الأولياء؛ فليست إباحة الميتة له على وزان من كان بخلاف ذلك، هذا وجه."(الموافقات(1/484) )

وبناء على هذا فإن الأخذ بالرخصة لا يعني بذل الوسع في جمعها وتتبعها حسب المذاهب وإنما يعني اللجوء إليها عند ضرورة أو حاجة ملحة مع توفر أسبابها من عذر أو مشقة أو إكراه أو مرض أو خوف شديد أو نسيان أو جهل أو حرج أو عموم بلوى ، وذلك أخذا بقاعدة " المشقة تجلب التيسير " وتفرعاتها من القواعد من قبيل: " الأمر إذا ضاق اتسع " و " الضرورات تبيح المحظورات " و " الحاجة تنزل منزلة الضرورة ، عامة كانت أو خاصة" و" لا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة " إلى غيرها مما هو مبسوط في كتب القواعد الفقهية، وفق ضوابط حددها العلماء، حيث جاء في قرار المجمع الفقهي :

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري باجوان، بروناي دار السلام من 1 إلى 7 محرم 1414 هـ الموافق 21-27 يونيو 1993م. 
بعد إطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع : " الأخذ بالرخصة وحكمه ". 
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله. 
قرر ما يلي : 

1- الرخصة الشرعية هي ما شرع من الأحكام لعذر، تخفيفا عن المكلفين، مع قيام السبب الموجب للحكم الأصلي. 
ولا خلاف في مشروعية الأخذ بالرخص الشرعية إذا وجدت أسبابها، بشرط التحقق من دواعيها، والاقتصار على مواضعها، مع مراعاة الضوابط الشرعية المقررة للأخذ بها. 
2- المراد بالرخص الفقهية ما جاء من الاجتهادات المذهبية مبيحا لأمر في مقابلة اجتهادات أخرى تحظره. 
والأخذ برخص الفقهاء، بمعنى اتباع ما هو أخف من أقوالهم، جائز شرعا بالضوابط الآتية في (البند 4). 
3- الرخص في القضايا العامة تعامل معاملة المسائل الفقهية الأصلية إذا كانت محققة لمصلحة معتبرة شرعا، وصادرة عن اجتهاد جماعي ممن تتوافر فيهم أهلية الاختيار ويتصفون بالتقوى والأمانة العلمية. 
4- لا يجوز الأخذ برخص المذاهب الفقهية لمجرد الهوى، لأن ذلك يؤدي إلى التحلل من التكليف، وإنما يجوز الأخذ بالرخص بمراعاة الضوابط التالية : 
أ- أن تكون أقوال الفقهاء التي يترخص بها معتبرة شرعا ولم توصف بأنها من شواذ الأقوال. 
ب- أن تقوم الحاجة إلى الأخذ بالرخصة، دفعا للمشقة سواء أكانت حاجة عامة للمجتمع أم خاصة أم فردية. 
ج- أن يكون الآخذ بالرخص ذا قدرة على الاختيار، أو أن يعتمد على من هو أهل لذلك. 
د- ألا يترتب على الأخذ بالرخص الوقوع في التلفيق الممنوع الآتي بيانه في (البند 6). 
هـ- ألا يكون الأخذ بذلك القول ذريعة للوصول إلى غرض غير مشروع. 
و- أن تطمئن نفس المترخص للأخذ بالرخصة. 
5- حقيقة التلفيق في تقليد المذاهب هي أن يأتي المقلد في مسألة واحدة ذات فرعين مترابطين فأكثر بكيفية لا يقول بها مجتهد ممن قلدهم في تلك المسألة. 
6- يكون التلفيق ممنوعا في الأحوال التالية : 
أ- إذا أدى إلى الأخذ بالرخص لمجرد الهوى، أو الإخلال بأحد الضوابط المبينة في مسألة الأخذ بالرخص. 
ب- إذا أدى إلى نقض حكم القضاء. 
ج- إذا أدى إلى نقض ما عمل به تقليدا في واقعة واحدة. 
د- إذا أدى إلى مخالفة الإجماع أو ما يستلزمه. 
هـ- إذا أدى إلى حالة مركبة لا يقرها أحد من المجتهدين. اهـ