آخر المواضيع

الخميس، 14 مايو 2015

دور الغرب في القضاء على الخلافة الإسلامية وتقسيمها إلى دويلات


الكاتب : محمد سلامة الغنيمي


الاختلاف والتفرق حالة مرضية كانت في الأمم السابقة لاسيما اليهود والنصارى، الذين حذرت منهم نصوص التشريع الإسلامي قرآناً وسنة قال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).

بيد أن متأخريهم قد استفادوا من دروس سابقيهم؛ فعملوا على الوحدة والاجتماع رغم شدة ما بينهم من عداوة وبغضاء لا لشيء إلا لقهر المسلمين، واستدامة سيطرتهم على مقدرات الأمم والشعوب حتى وصل الأمر إلى أن يسعى بابا الفاتيكان إلى تبرئة اليهود من جريمتهم التاريخية في سفك دم المسيح (على حد زعمهم)، يبدوا أنهم يريدون أن يزيلوا كل ما من شأنه أن يكون عائقاً دون الاجتماع والتعاون حتى لو كانت عقيدة دينية لدى الطرفين تطاولت عليها الفرق، وآمنت بها الأجيال.

 وبذلك تتحقق نبوءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فَقَال قَائِل: وَمَن ّقِلَّة نَحْن يَوْمئِذ قَال بَل أَنْتُم يَوْمئِذ كَثِير وَلَكِنَّكُم غُثَاء كَغُثَاء السَّيْل ولينزعن اللَّه مَن صُدُور عَدُوَّكُم الْمَهَابَة مِنْكُم وليقذفن اللَّه فِي قُلُوبَكُم الْوَهْن فَقَال قَائِل: يَا رَسُول اللَّه وما الْوَهْن؟ قَال: حُبّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَة الْمَوْت)) فَهُم قَد يَخْتَلِفُون فِي كَلّ شَيْء لَكِنَّهُم يَجْتَمِعُون عَلَى قَمْع النَّهْضَة الإسلامية، وَتَمْزِيق الأمة الإسلامية، ووأد أَي يَقَظَة قَد تَقُوم، لِتَدُوم لَهُم السَّيْطَرَة عَلَى الْعَالِم أَطْوَل فَتْرَة مُمْكِنَة، فَعَقَدُوا المؤتمرات، وشكلوا الْهَيْئَات، وَكُونُوا المنظمات الَّتِي تَعْمَل عَلَى ّذَلِك الْغَرَض الْمُوَحِّد.

فانتهجوا فِي سَبِيل تَحْقِيق ذَلِك سِيَاسَة "فَرَّق تَسُدّ"، وَ"أَن الشَّجَرَة إِنَّمَا يَقْطَعُهَا أَحَد أَغْصَانِهَا"، فَيَكُون الْمُسْلِمِين كَاَلَّذِين يُخْرِبُون بُيُوتِهِم بِأَيْدِيهِم، وينوبون عَن أَعْدَائِهِم فِي مهمتهم، وَبُعْدمَا فَشُلَّت كَلّ محاولاتهم الْقَدِيمَة فِي السَّيْطَرَة عَلَى بِلَاد الإسلام بِقُوَّة السِّلَاح أَيْقَنُوا أن الْمُسْلِمِين لا يَهْزِمُون أبداً فِي مَعَارِك السِّلَاح، فاستفادوا مَن وَصِيَّة لويس التَّاسِع، وَمَن أَفْكَار المنصرين والمستشرقين.

وَقَد اقتبسوا هَذِه السِّيَاسَة الْمَعْنِيَّة بِتَفْرِيق الشُّعُوب الإسلامية مَن تعاليم دِينِهِم المحرفة، فَالرَّبّ عَلَيّ حَدّزَ عْمِهِم لا يَسْتَطِيع أن يَنْتَظِر حتى يَبْنُوا مَدِينَتِهِم، وينافسوه فِي مَلَكُوتِه ... وَكَأَنَّمَا هُو مستعمر أوروبي يَسِير وَفْق سِيَاسَة فَرَّق تَسُدّ، فَفَرَّق الْبَشَر حَتَّى يَحْكُم قَبَضْته عَلَيْهِم.

جَاء فِي سَفَر التَّكْوِين أن الرَّبّ الإله خَشِي عَلَى مَمْلَكَتِه مَن الزَّوَال وَحُكْمَه مَن الِانْهِيَار، عِنْدَمَا رَأَى الْبَشَر مُتَّحِدَيْن ومتحابين، يَبْنُون مَدِينَة كَبِيرَة وبرجها فِي السَّمَاء، فَدَعَا مَلَائِكَتَه وَنَزَّل وَحَطْم مَدِينَتِهِم، وَبُلْبُل أَلْسِنَتِهِم، وَفَرَّقَهُم فِي الأرض، حتى لا ينافسوه فِي مِلْكِه وَمَلَكُوتِه - تَعَالى اللَّه عَن ذَلِك علواً كبيراً -.

وَمَنّ هُنَا بدأوا فِي إضْعَاف الْخِلَافَة الإسلامية أولاً، بِالْحُرُوب الداخلية، وَنَزْع رُوح الإسلام وَرَوَابِطِه مَن نُفُوس الْمُسْلِمِين، وَبَثّ النزاعات الْعِرْقِيَّة، وَمَنّ ثُمّ هَدَم الْخِلَافَة الإسلامية تماماً، الْيَهُود بِأَمْوَالِهِم، والنصارى بسلطانهم، رَغِم مَا بَيْنَهُم مَن عَدَاوَة وبغضاء.

شجعوا حُكَّام الأقاليم التَّابِعَة لدولة الْخِلَافَة عَلَى الْعِصْيَان وَالِانْقِلَاب عَلَى دُولَة الْخِلَافَة، وَكَسَر عَصا الطَّاعَة، مِثْلَمَا فَعَلُوا مَع مُحَمَّد عَلَيّ، فَقَد عَمِلُوا عَلَى تَقْوِيَة شَوْكَتُه، وَبَسْط سُلْطَانِه عَلَى مِصْر وما حَوْلَهَا، وساندوه فِي حُرُوبِه ضِدّ جَيْش الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة، وَلَمّا كَاد مُحَمَّد عَلَيّ أن يَقْضِي عَلَى الْخِلَافَة؛ سَارِعُوا بصده وَإِيقَاف تَوَغُّلِه، خوفاً مَن الْقَضَاء عَلَى الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة، وَإِنْشَاء خِلَافَة بديلة عَنْهَا، فَهُم دَائِماً يَعْمَلُون عَلَى توازن دَوَائِر الصِّرَاع لِاسْتِنْفَاد الْقُوَى.

وَمَنّ أَجَل تَنْفِيذ هَذَا الْفِكْر الْخَبِيث تَمّ انْعِقَاد مُؤْتَمِر كامبل، الَّذِي دَعَا إلَيْه حِزْب الْمُحَافِظِين البريطاني، وَاسْتَمِرّت جِلْسَات هَذَا الْمُؤْتَمَر مَن 1905 إلَى 1907 فِي لندن بِدَعْوَة سَرِيَّة مَن حِزْب الْمُحَافِظِين البريطاني بِهَدَف إيجَاد آلِيَّة تُحَافِظ عَلَى تَفُوق ومكاسب الدُّوَل الاستعمارية، وانعقد الْمُؤْتَمَر بِحُضُور كلاً مَن فرنسا وهولندا، وبلجيكا وإسبانيا، وإيطاليا، وَقَد حَضَر الِاجْتِمَاعَات كِبَار عُلَمَاء التَّارِيخ وَالِاجْتِمَاع، وَالِاقْتِصَاد وَالزِّرَاعَة، والجغرافيا والبترول.

وقد تَوَصَّل الْمُجْتَمِعُون إلَى نَتِيجَة مُفَادُهَا: "أن الْبَحْر الْمُتَوَسِّط هُو الشِّرْيَان الْحَيْوِيّ للاستعمار، لأَنَّه الْجِسْر الَّذِي يَصِل الشَّرْق بِالْغَرْب، وَالْمَمَرّ الطَّبِيعِيّ إِلَى القارتين الأسيوية والإفريقية، وَمُلْتَقَى طَرَق الْعَالِم، وأيضاً هُو مَهَّد الأديان والحضارات، والإشكالية فِي هَذَا الشِّرْيَان أَنَّه يَعِيش عَلَى شواطئه الجنوبية وَالشَّرْقِيَّة بِوَجْه خَاصّ شُعَب وَاحِد مُتَوَفِّر لَه وَحِدَّة التَّارِيخ وَالدِّين وَاللِّسَان.

وَأَبْرَز مَا جَاء فِي توصيات هَذَا الْمُؤْتَمَر:
• الإبقاء عَلَى شَعُوب هَذِه الْمِنْطَقَة مُفَكَّكَة جَاهِلَة مُتَأَخِّرَة: وَعَلِى هَذَا الأساس قاموا يَتَقَسَّم الْعَالِم بِالنِّسْبَة إلَيْهِم إلَى ثَلَاث فِئَات:

•       الْفِئَة الأولي: دُوَل الْحَضَارَة الْغَرْبِيَّة المسيحية (دُوَل أوروبا وأمريكا الشَّمَالِيَّة وأستراليا) وَالْوَاجِب تُجَاه هَذِه الدُّوَل هُو دَعم هَذِه الدُّوَل مادياً وتقنياً لِتَصِل إلَى أَعَلَى مُسْتَوِى مَن التَّقَدُّم والازدهار.

•       الْفِئَة الثَّانِيَة: دُوَل لا تَقَع ضَمِن الْحَضَارَة الْغَرْبِيَّة المسيحية وَلَكِن لا يُوجَد تَصَادُم حضاري مَعَهَا، ولا تُشْكِل تهديداً عَلَيْهَا (كدول أمريكا الجنوبية، واليابان، وكوريا وَغَيْرهَا) وَالْوَاجِب تُجَاه هَذِه الدُّوَل هُو احْتِوَائِهَا، وإمكانية دعمها بِالْقَدْر الذي لا يُشْكِل تهديداً عَلَيْهَا وَعَلِى تَفَوُّقِهَا.

•       الْفِئَة الثَّالِثَة: دُوَل تَقَع ضَمِن الْحَضَارَة الْغَرْبِيَّة المسيحية، وَيُوجَد تَصَادُم حضاري مَعَهَا، وَتُشْكِل تهديداً لتفوقها (وَهَي الدُّوَل الإسلامية بِشَكْل عَامّ، وَالْعَرَبِيَّة بِشَكْل خَاصّ) وَالْوَاجِب تُجَاه هَذِه الدُّوَل هُو حِرْمَانِهَا مَن الدعم، وَاكْتِسَاب الْعُلُوم وَالْمَعَارِف التَّثْنِيَة، وَعُدِم دعمها فِي هَذَا الْمَجَال وَمُحَارَبَة أَي اتِّجَاه مَن هَذِه الدُّوَل لامتلاك الْعُلُوم التقنية.

• مُحَارَبَة أَي تَوَجَّه وصولي فِيهَا: وَلِتَحْقِيق ذَلِك دَعَا المؤتمرون إلَى إقَامَة دُولَة فِي فِلَسْطِين تَكُون بِمَثَابَة حَاجِز بُشْرَى قُوَي وَغَرِيب ومعادي، يَفْصِل الْجُزْء الْأَفْرِيقِيّ مَن هَذِه الْمِنْطَقَة عَن الْقِسْم الأسيوي، وَاَلَّذِي يَحُول دُوْن تَحْقِيق وَحِدَّة هَذِه الشُّعُوب، وَتَكُون لِهَذَا الْجِسْم أَدْوَار ثَلاَثَة:

1-     يَفْصِل الْمَشْرِق الْعَرَبِيّ عَن الْمَغْرِب الْعَرَبِيّ.
2-     ولاءه لِلْغَرْب.
3-     يُعَطِّل نَهْضَة هَذِه الْمِنْطَقَة.

فَتَوَجَّه الْيَهُود بقيادة حاييم وايزمان أَشْهُر شَخْصِيَّة صهيونية بَعْد تيودور هيرتزل إِلَى تِلْك الدُّوَل يَعْرِضُون أَنْفُسِهِم أن يَكُونُوا هُم هَذَا الْجِسْم الْغَرِيب، وَبِالْفِعْل اسْتَطَاع حاييم وايزمان أن يَحْصُل عَلَى وَعَدّ بلفور، وكان لَه الدُّور الأساسي فِي ذَلِك.

وَعَلِى ذَلِك فَقَد شَكْل هَذَا الْمُؤْتَمَر النَّوَاة الأساسية الَّتِي انْبَثَق عَنْهَا كَلّ المخططات والمؤامرات الهادفة إلَى ّتَقْسِيم دُوَل الْخِلَافَة الإسلامية، وَتَقْسِيمُهَا إلَى دويلات ذَات حُدُود حُرَّة حيادية لِتَكُون بِمَثَابَة بُؤْرَة لِلْخِلَاف، وسبباً لِلنِّزَاع.

وَقَد ارتكزوا فِي مُهِمَّة إسْقَاط دُولَة الْخِلَافَة إلَى عِدَّة اتجاهات تَكْمُل بَعْضُهَا بعضاً لِتَحْقِيق الْغَرَض الْمَعْنِيّ:

•       خَلَق طَبَقَة مَن أَبْنَاء الْمُسْلِمِين تتبني مَذَاهِب وَأَفْكَار هدامة تنخر فِي عِظَام الدّيْن الإسلامي، وَتَعْمَل عَلَى ّزَلْزَلَة عَقِيدَة الْمُجْتَمَعَات الإسلامية، فيتفرغون لِلْجَدَل، وينشغلون بالنزاعات الْفِكْرِيَّة والطائفية.
•       تَشْوِيه صُورَة الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة - وبخَاصَّة السُّلْطَان عَبْدالْحَمِيد -، وَتَشْبِيهِهَا بالاستعمار والاحتلال، وُفِّي الْمُقَابِل تلميع بَعْض الرُّمُوز العميلة لَهُم.
•       إحْيَاء النعرات القومية كالطورانية فِي تُرْكِيّا، والفرعونية فِي مِصْر، والبابلية فِي الْعِرَاق، والأشورية والفينيقية فِي الشَّام، والبربرية فِي شِمَال أفريقيا.
وَقَد عززوا مَن شَأْن القومية الْعَرَبِيَّة لِتَكُون فِي مُقَابِل النَّزَعَة الطورانية التُّرْكِيَّة، لِيُحْدِث بِذَلِك انشقاق كبير فيّ دُولَة الْخِلَافَة، فتنشغل الأمة بِتَمْجِيد تِلْك النزاعات، وَالِافْتِخَار بِهَا، مَع تَجْهِيل الْمُسْلِمِين بِتَارِيخِهِم الإسلامي الْمَجِيد.
•       التَّنْصِير والاستشراق وَسِيلَتَان تكيدان لِلْإِسْلَام تَحْت سِتَار خَفِي مُقْنِع: الإصلاح وَالتَّعْلِيم، وَالطِّبّ وَالْمَعُونَات.
•       الأحزاب العلمانية والماسونية مِثْل الِاتِّحَاد وَالتَّرَقِّي أَوَّل حِزْب سِيَاسِيّ جَلّ أَعْضَائِه مَن الماسون، وَزَرَعُوا فِي مُعْظَم الأقطار والأقاليم الإسلامية مِثْل هَذَا الْحِزْب.
عَمِلْت كَلّ هَذِه الْوَسَائِل وَغَيْرهَا عَلَى إضْعَاف الدَّوْلَة الإسلامية، وَبَثّ سَمُوم الْخِلَاف وَالنِّزَاع بَيْن أَرْكَانِهَا، وَعَلِى تَهْوِين الْعَقِيدَة الإسلامية فِي قُلُوب الشُّعُوب الإسلامية، فهيئت الدَّوْلَة الإسلامية لِلزَّوَال وَتَحْوِيلَهَا إلَى أَقَالِيم مُتَفَرِّقَة.

وَمَع ذَلِك كَان لا بد مَن اتِّخَاذ خُطُوَات عَمَلِيَّة تَقْضِي عَلَى مَا تُبْقِى َمن قُوَّة لَدَى الْخِلَافَة، وَمَحْو الِاسْم مَن الْوَاقِع، فَدَفَعُوا الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة لِلدُّخُول فِي الْحَرْب الْعَالَمِيَّة الأولى، فَدَمَّرَت عَلَى إثرهَا الْقُوَّة الْعَسْكَرِيَّة الْعُثْمَانِيَّة تماماً.

وَقَد أَخَذُوا فِي تلميع مصطفي كَامِل شَدِيد الْعَدَاوَة لِلْإِسْلَام (ماسوني) لِيَحِلّ مَحَلّ الْخَلِيفَة، وُفِّي نَفْس التَّوْقِيت عَمِلُوا عَلَى تلميع شَخْصِيَّة عَرَبِيَّة تعشق الزَّعَامَة، وَتَقْدِيس السُّلْطَة فَكَان الشَّرِيف حُسَيْن وَالِي مَكَّة، فَأَغْرَاه الْغَرْب عَن طَرِيق لورانس الْعَرَب ضَابِط المخابرات الإنجليزي، وكان هُو الْوَسِيط بَيْن الشَّرِيف حُسَيْن ومكماهون عَلى ّأن يَقُوم الشَّرِيف حسِين بِضَرْب الدَّوْلَة الْعُثْمَانِيَّة مَن الْخَلَف، ويحتل مِينَاء الْعَقَبَة، وَيَفْتَح الْمَجَال لِلْجَيْش الإنجليزي لِدُخُول فِلَسْطِين، فِي مُقَابِل أن يُعْطِى الشَّرِيف حُسَيْن مَمْلَكَة الْعَرَب.

وُفِّي سِيَاق قُلِب الْحَقَائِق أطلقوا عَلَى هَذِه الْخِيَانَة الْكُبْرَى لَقَب الثورة الْعَرَبِيَّة الْكُبْرَى عَلَى الاحتلال التُّرْكِيّ.

وَنَجَحَت خُطَّة لورانس ومكماهون، حَيْث لَم يَكُن العثمانيون يَتَوَقَّعُون خِيَانَة الشَّرِيف حُسَيْن فَكَانُوا يَتَوَقَّعُون أن تَأْتِيهِم الضَّرْبَة مَن قُبُل الإنجليز فَقَط.

وُفِّي نَفْس التزامن الَّذِي حَرَّك فِيْه الْغَرْب الْقِيَادَة الْعَرَبِيَّة الْخَائِنَة لِلِانْقِلَاب عَلَى الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة؛ بِوُعُود واتفاقات كَاذِبَة؛ ظَهَرَت اتِّفَاقِيَّة سايكس بيكو 1916م وَالَّتِي انْعَقَدَت بَيْن بريطانيا وفرنسا بمصادقة روسيا عَلَى تَقْسِيم ممتلكات الدَّوْلَة الْعُثْمَانِيَّة.

بِمُوجِب هَذَا الِاتِّفَاق حَصَلَت فرنسا عَلَى سوريا وَلُبْنَان، وَمِنْطَقَة الْمَوْصِل، أَمَّا بريطانيا فَامْتَدَّت مَنَاطِق سيطرتها مَن طَرْف بِلَاد الشَّام الْجَنُوبِي ّمتوسعاً بِالِاتِّجَاه شرقاً لتضم الْعِرَاق والأردن، كَمَا تَقَرَّر وَضَع فِلَسْطِين تَحْت إدَارَة دولية يَتِمّ الِاتِّفَاق عَلَيْهَا بالتشاور بَيْن بريطانيا وفرنسا وروسيا.

وَانْعَقَدَت عِدَّة مؤتمرات واتفاقيات أَخِّرِى تَمّ بِمُوجِبِهَا الْقَضَاء التَّامّ عَلَى الْخِلَافَة الْعُثْمَانِيَّة، وَتَقْسِيم الدَّوْلَة إلَى دويلات بِالشَّكْل الْحَدِيث مِثْل مُؤْتَمِر وَمُعَاهَدَة فرساي الَّتِي خَسِرْت الدَّوْلَة الْعُثْمَانِيَّة خِلَالِهَا أَرَاضِي وَاسِعَة فِي أوروبا وآسيا، وَانْتَهَت كإمبراطورية، ومؤتمر سَان ريموا الَّذِي قَسَمْت فِيْه الشَّام الْوَاحِدَة إلَى أَرْبَعَ دُوَل (سوريا، وَلُبْنَان، والأردن، وَفِلَسْطِين).

وَمُعَاهَدَة لوزان الَّتِي اُشْتُرِطَت فِيهَا انجلترا عَلَى تُرْكِيّا عَدَم انْسِحَابِهَا مَن أراضيها إلا بَعْد تَنْفِيذ الشُّرُوط الآتية:

1-     إلْغَاء الْخِلَافَة الإسلامية، وَطَرَد الْخَلِيفَة مَن تُرْكِيا، وَمُصَادَرَة أَمْوَالِه.
2-     أن تتعهد تُرْكِيا بإخماد كَلّ حَرَكَة يَقُوم بِهَا أَنْصَار الْخِلَافَة.
3-     أن تُقْطَع تُرْكِيّا صِلَتُهَا بِالْإِسْلَام.
4-     أن تَخْتَار لَهَا دستوراً مدنياً بدلاً مَن دستورها الْمُسْتَمَدّ مَن أَحْكَام الإسلام.

المصدر : موقع المختار الإسلامي.