آخر المواضيع

السبت، 23 نوفمبر 2013

كم هو عدد حملة العرش ؟



اختلف العلماء في عدد حملة العرش على أربعة أقوال:

(1) إنهم الآن أربعة ، ويوم القيامة ثمانية.
وهذا أخرجه أبو الشيخ بسند ضعيف عن وهب بن منبه  ، ونسبه ابن الجوزي إلى الجمهور  .
واستدل من قال بهذا القول بما يأتي:

أ - ما أخرجه الطبري عن محمد بن إسحاق، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  هم اليوم أربعة - يعني : حملة العرش - وإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة آخرين فكانوا ثمانية  . وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ  .
وهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه انقطاعا بين ابن إسحاق والنبي صلى الله عليه وسلم . وابن إسحاق صدوق يدلس  .
ب - ما أخرجه الطبري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  يحمله اليوم أربعة ، ويوم القيامة ثمانية  .
وهذا الحديث ضعيف أيضا ؛ لأن فيه انقطاعا بين عبد الرحمن بن زيد بن أسلم والنبي صلى الله عليه وسلم . وعبد الرحمن بن زيد ضعيف  .
ج - ما أخرجه الطبري وأبو الشيخ عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم ، قال:  يحمل عرشه يومئذ ثمانية، وهم اليوم أربعة  .
وهذا الحديث ضعيف أيضا . فلا يحتج به .
(2) إنهم ثمانية أجزاء من تسعة أجزاء.
وهذا أخرجه ابن أبي شيبة  عن ابن عباس؛ حيث قال: "الثمانية أجزاء من التسعة ، قال: الجن والإنس والشياطين والملائكة كلهم إلا الكروبيين ، حملة العرش جزء ، والكروبيون ثمانية أجزاء…" . وهذا الأثر ضعيف ؛ لأنه من طريق بشر بن عمارة الخثعمي، وهو ضعيف  . وفيه انقطاع بين الضحاك وابن عباس ؛ لأن الضحاك لم يلق ابن عباس .
(3) إنهم ثمانية صفوف من الملائكة.
وهذا أخرجه الطبري من ثلاثة طرق عن ابن عباس ، وكلها ضعيفة.
وأخرجه عبد الله بن أحمد والدارمي عن سعيد بن جبير  من طريق جعفر بن دينار القمي ، وهو صدوق يهم  .
(4) إنهم ثمانية ملائكة.
وهذا أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ  عن عبد الله بن عمرو بن العاص من طريق حيي بن هاني أبي قبيل . وهو صدوق يهم  .
وأخرجه ابن أبي شيبة والدارمي والحاكم عن العباس بن عبد المطلب  بإسناده ضعيف.
وأخرجه أبو الشيخ عن مجاهد  من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وهو صدوق سيئ الحفظ  عن المنهال بن عمرو ، وهو صدوق ربما وهم  . وأخرجه أبو الشيخ وأبو نعيم  عن حسان بن عطية  .
وإسناده قوي ، كما قال الذهبي ، ووافقه الألباني  .
وأخرجه أبو الشيخ والبيهقي وأبو نعيم  عن هارون بن رئاب وإسناد البيهقي وأبي نعيم حسن؛ لأن فيه العباس بن الوليد ، وهو صدوق  ، وإسناد أبي الشيخ فيه رواد بن الجراح ، وهو صدوق اختلط بآخره، فترك  .
واستدل من قال بهذا القول بما يأتي:
1 - قوله تعالى:  وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ 
فدلت الآية على عدد حملة العرش ، وأنهم ثمانية ، وليس هناك دليل يدل على غير هذا العدد، لا أقل منه ولا أكثر ، ولو كان هناك أكثر منهم لذكره جل وعلا ؛ لأن المقام مقام تخويف وتهديد.
وأما القيد  يَوْمَئِذٍ  فيمكن أن يقال: بأنه لا مفهوم له ؛ لأن إثبات هذا العدد لحملة العرش في ذلك اليوم لا ينفيه عما سواه.
2 - حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  ... ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهم وركبهم كما بين سماء إلى سماء ، ثم على ظهورهم العرش  وهذا الحديث ضعيف.
الترجيح:
مما تقدم يتبين لنا أن حملة العرش يوم القيامة ثمانية من الملائكة ، لقوله تعالى:  وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ  ، ولا معارض لظاهر الآية.
وأما في الدنيا فلم أجد ما ينص على عددهم، ففيه احتمالان:
الاحتمال الأول أن يقال:
أ - إن القيد في الآية لا مفهوم له، فهم ثمانية في الدنيا وفي الآخرة.
ب - إن إثبات عددهم يوم القيامة - وأنهم ثمانية - لا ينفيه عما سواه من الأيام.
وإنما ذكر عددهم في ذلك اليوم ؛ لأن المقام مقام تخويف وترهيب.
والاحتمال الثاني: أن نتوقف في عددهم في الدنيا ، ونكل العلم إلى عالمه ، ونقول: سبحانك ، لا علم إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

المرجع :
بحث مقتطف من مجلة البحوث الإسلامية التابعة للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء - المملكة العربية السعودية