آخر المواضيع

الأربعاء، 2 أكتوبر 2013

ما العمل عند اجتماع الأضحية مع العقيقة ، فهل تقوم الأضحية مقام العقيقة ؟

س : أحيانا يتفق قدرا اجتماع عيد الأضحى مع مناسبة العقيقة، فماذا يفعل المكلف في هذه الحالة  ؟ هل تنوب الأضحية عن العقيقة ؟ أم لابد من الذبح لكل واحدة استقلالا ؟
الجواب :
 
بالنسبة إلى هذه المسألة ، ننقل جوابها من كتاب " المفصل في أحكام الأضحية "، حيث جاء فيه :
"اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين :
القول الأول: تجزئ الأضحية عن العقيقة ، وبه قال الحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتادة وهشام _ من التابعين _ ، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد (1).
وبه قال الحنفية ، قال ابن عابدين :[ وكذا لو أراد بعضهم العقيقة عن ولد قد ولد له من قبل ، لأن ذلك جهة التقرب بالشكر على نعمة الولد ذكره محمد ] (2).
وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن الحسن قال :[ إذا ضحوا عن الغلام فقد أجزأت عنه من العقيقة ] ورواه أيضاً عبد الرزاق.
وروى عن هشام وابن سيرين قالا :[ يجزئ عنه الأضحية من العقيقة ] .
وروى عبد الرزاق أيضاً عن قتادة قال :[ من لم يعق عنه أجزأته أضحيته ] (3) .
وقال الخلال :[ باب ما روي أن  الأضحية تجزئ عن العقيقة ، ثم ذكر عن الميموني أنه قال لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : يجوز أن يضحى عن الصبي مكان العقيقة ؟
قال : لاأدري . ثم قال : غير واحد يقول به .
قلت: من التابعين . قال نعم    ثم قال : ذكر أبو عبد الله أن بعضهم قال : فإن ضحى أجزأ عن العقيقة ثم قال: إن أبا عبد الله قال : أرجو أن تجزئ الضحية عن العقيقة إن شاء الله تعالى لمن لم يعق ثم قال ورأيت أبا عبد الله اشترى أضحية ذبحها عنه وعن أهله وكان ابنه عبد الله صغيراً فذبحها أراه أراد بذلك العقيقة والأضحية وقسم اللحم وأكل منها ] (4).
وترى هذه الطائفة من أهل العلم أن المقصود بالأضحية والعقيقة يحصل بذبح واحد ، وفي ذلك نوع شَبَهٍ من الجمعة والعيد إذا اجتمعتا .
وكما لو صلى ركعتين ينوي بهما تحية المسجد وسنة المكتوبة ، أو صلى بعد الطواف فرضاً أو سنة مكتوبة ، وقع عنه وعن ركعتي الطواف .
وكذلك لو ذبح المتمتع والقارن شاة يوم النحر أجزأ عن دم المتعة وعن الأضحية  (5) .
القول الثاني :لا تجزئ الأضحية عن العقيقة وهو قول المالكية والشافعية (6)والرواية الأخرى عن الإمام أحمد ، فقد روى الخلال عن عبد الله بن أحمد قال :[ سألت أبي عن العقيقة يوم الأضحى تجزئ أن تكون أضحية وعقيقة ؟ قال: إما أضحية وإما عقيقة على ما سمّى ] (7) ، وعلى هذه الرواية أكثر الحنابلة (8) .
وحجة هؤلاء أن كلاً من الأضحية والعقيقة ذبحان بسببين مختلفين ، فلا يقوم الواحد عنهما ، كدم التمتع ودم الفدية (9) .
وقالوا أيضاً إن المقصود بالأضحية إراقة الدم في كل منهما ، ولا تقوم إراقة مقام
إراقتين (10) .
وسئل الشيخ ابن حجر المكي عن ذبح شاة أيام الأضحية بنيتها ونية العقيقة ، فهل يحصلان أو لا ؟
فأجاب :[ الذي دل عليه كلام الأصحاب وجرينا عليه منذ سنين أنه لا تداخل في ذلك ، لأن كلاً من الأضحية والعقيقة ، سنةٌ مقصودةٌ لذاتها ، ولها سبب يخالف سبب الأخرى ، والمقصود منها غير المقصود من الأخرى ، إذ الأضحيةُ فداءٌ عن النفس ، والعقيقةُ فداءٌ عن الولد ، إذ بها نُمُّوهُ وصلاحهُ ، ورجاءُ بِرِّهِ وشفاعته ، وبالقول بالتداخل يبطل المقصود من كلٍ منهما ، فلم يمكن القول به نظير ما قالوه في سنة غسل الجمعة وغسل العيد ، وسنة الظهر وسنة العصر ، وأما تحية المسجد ونحوها فهي ليست مقصودة لذاتها بل لعدم هتك حرمة المسجد ، وذلك حاصلٌ بصلاة غيرها ، وكذا صوم نحو الإثنين ، لأن القصد منه إحياء هذا اليوم بعبادة الصوم المخصوصة ، وذلك حاصلٌ بأي صومٍ وقع فيه .
وأما الأضحية والعقيقة ، فليستا كذلك كما ظهر مما قررته وهو واضح ، والكلام حيث اقتصر على نحو شاة أو سبع بدنة أو بقرة ، أما لو ذبح بدنة أو بقرة عن سبعة أسباب ، منها ضحية وعقيقة والباقي كفارات ، كنحو الحلق في النسك فيجزي ذلك ، وليس هو من باب التداخل في شيء لأن كل سبع يقع مجزياً عما نوى به .
وفي شرح العباب: لو ولد له ولدان ، ولو في بطن واحدة ، فذبح عنهما شاة ، لم يتأدى بها أصل السنة كما في المجموع وغيره ، وقال ابن عبد البر: لا أعلم فيه خلافاً أ.هـ
وبهذا يعلم أنه لا يجزي التداخل في الأضحية والعقيقة من باب أولى ، لأنه إذا امتنع مع اتحاد الجنس فأولى مع اختلافه ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ] (11).
والذي أراه راجحاً هو عدم إجزاء الأضحية عن العقيقة ، وعدم إجزاء العقيقة عن الأضحية ، لأن كلاً منهما لها سببها الخاص في إراقة الدم ، ولا تقوم إحداهما مقام الأخرى .
 والمسائل التي ذكروها ليست مسلَّمةً عند جميع العلماء ، فحصول العبادتين بنية واحدة ، أجازه من أجازه من أهل العلم ، لأنهم عدُّوها من قبيل الوسائل لا المقاصد ،كما لو نوى بغسله رفع الحدث الأصغر والأكبر ، أو نوى بالغسل الجمعة والجنابة ، وخالف في ذلك ابن حزم ،وأمَّا حصول تحية المسجد وسنَّة المكتوبة ، فلأن تحية المسجد تحصل وإن لم يقصدها ، وأمَّا ما صححوه من تجويز عبادتين بنيَّةٍ واحدةٍ فالذي يظهر أنَّ الشارع قد اعتبر فيه الأمرين المقصودين ولو لم يقصدهما الفاعل ،كمن يتصدق على ذي رحمه ينال أجرين : أجر الصدقة وأجر صلة الرحم (12)."اهـــ


(1)فتح الباري 12/13 ، شرح السنة 11/267 ، الإنصاف 4/111 ، كشاف القناع 3/29 ، الفروع 3/564 ،
 تحفة المودود ص68 .
(2)حاشية ابن عابدين 6/326 .
(3)مصنف ابن أبي شيبة 8/244 . مصنف عبد الرزاق 4/331 ، 333 .
(4)تحفة المودود ص 68 .
(5)تصحيح الفروع 3/564 ،تحفة المودود ص69 .
(6)شرح الخرشي 3/41، الذخيرة 4/166 ، الفتاوى الكبرى الفقهية 4/256 .
(7)تحفة المودود ص68 .
(8)تصحيح الفروع 3/565 .
(9)تحفة المودود ص68 ، أحكام العقيقة ص50 .
(10)  الذخيرة 4/166 ، حاشية العدوي 3/48 .
(11)الفتاوى الكبرى الفقهية 4/256 .
(12)انظر مقاصد المكلفين ص 255 256 .