آخر المواضيع

الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

الحكمة من تشريع صلاة الجمعة، وخصائصها.

الحكمة من تشريعها:
حِكَم تشريع صلاة الجمعة كثيرة، نَذْكر منها:
أنَّ فيها الخُطْبةَ التي يُقْصَد بها الثَّناء على الله، وتَمْجيده والشَّهادة له بالوحدانيَّة، ولرسوله - صلَّى الله عليه وسلم - بالرِّسالة، وتذكير العباد بأيَّامه، وتحذيرهم من بَأْسه ونِقْمته، ووصيَّتهم بما يُقَرِّبهم إليه وإلى جِنانه، ونَهْيهم عمَّا يقرِّبُهم من سخطه وناره، فهذا هو مقصود الخطبة والاجتماع لها.



أنَّها شُرِعتْ إظهارًا لِدين الله وإعلاء لكلمته، وجُعِلَت شعارًا للمسلمين، ومِثالاً للتَّآزُر والتَّعاون، وحَثهم على رُوح العمل الجماعي المُنَظَّم، وتقَبُّل النُّصح من الغير، وتدارُس الأخطاء والمشاكل التي تعاني منها الأُمَّة، كما تَحُثُّهم على التآلف والتكامل كالجسد الواحد، وفيها إشارة إلى وجوب توحيد الصفِّ، والوحدة بين المسلمين؛ كَيْ لا يفشلوا وتذهب رِيحُهم، واكتساب روح التَّشاور فيما استجدَّ واستشكَل مِن أمور الحياة، والتذكير بوجوب تَقْوى الله؛ لأنَّها السبيل الأوحد لِجَمع شتاتِهم.

نسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يَجْمع شتاتَنا، وأن يُؤَلِّف بين قلوبنا.

خصائصها:
قد ذكر ابن القيِّم في فصل خاصٍّ من "زاد المعَاد" ثلاثًا وثلاثين خصوصيَّة لصلاة الجمعة، وقد أوصلَها السُّيوطي إلى مائة، نَذْكرها تلخيصًا من "زاد المعاد":
• القراءة في فَجْرِه بِسُورتَيِ السجدة والإنسان.

• استحباب كثرة الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيه وفي ليلته.

• صلاة الجمعة التي هي مِن آكَدِ فروضِ الإسلام، ومن أعظم مَجامع المسلمين، وهي أعظم من كل مَجْمع يجمعون فيه، وأفرضه سوى مَجْمع عرَفَة.

• الأمر بالاِغْتسال في يومها، وهو أمر مؤكَّد جدًّا، ووجوبه أقوى من وجوب الوتر، وقراءة البسملة في الصَّلاة، ووجوب الوضوء من مَسِّ النساء، ووجوبِ الوضوء من مسِّ الذَّكر، ووجوب الوضوء من القهقهة في الصلاة، ووجوب الوضوء من الرُّعَاف والحجامة والقَيْء، ووجوب الصَّلاة على النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في التشهُّد الأخير، ووجوب القراءة على المأموم.

• التطيُّب فيه، وهو أفضل من التطيُّب في غيره من أيام الأسبوع.

• السِّواك فيه، وله مَزِيَّة على السِّواك في غيره.

• التَّبكير للصلاة.

• أن يَشْتغل بالصَّلاة والذِّكر والقراءة حتى يَخْرج الإمام.

• الإنصات للخطبة إذا سَمِعَها وُجُوبًا في أصَحِّ القولَيْن، فإنْ ترَكَه كان لاغيًا، ومَن لغا فلا جمعة له.

• قراءة سورة الكهف في يومها.

• أنَّه لا يُكْرَه فِعْل الصَّلاة فيه وقت الزوال عند الشافعي - رحمه الله - ومَن وافقه، وهو اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيميَّة.

• قراءة (سورة الجمعة) و(المنافقين) أو (سبِّح) و(الغاشية) في صلاة الجمعة.

• أنه يوم عيد متكرِّر في الأسبوع.

• أنه يُستحبُّ أن يَلْبس فيه أحسنَ الثِّياب التي يَقْدر عليها.

• أنه يستحبُّ فيه تجمير المسجد.

• أنَّه لا يجوز السَّفر في يومِها لِمَن تَلْزَمه الجمعة قبل فعلها بعد دخول وقتها.

• أنَّ للماشي إلى الجمعة بكلِّ خطوة أجْرَ سنة صيامها وقيامه.

• أنه يوم تكفير السيِّئات.

• أن جهنم تُسَجَّر كلَّ يوم إلاَّ يوم الجمعة.

• أنَّ فيه ساعةَ الإجابة، وهي الساعة التي لا يَسأل اللهَ عبدٌ مسلم فيها شيئًا إلاَّ أعطاه.

• أنَّ فيه صلاة الجمعة التي خُصَّت من بين سائر الصَّلوات المفروضات بِخَصائص لا توجد في غيرها.

• أنَّ فيه الخطبة التي يُقْصَد بها الثَّناء على الله وتَمْجيده والشهادة له بالوحدانيَّة، ولرسوله - صلَّى الله عليه وسلم بالرِّسالة، وتذكير العباد بأيَّامه، وتحذيرهم من بأسه ونقمته، ووصيَّتهم بما يقرِّبُهم إليه وإلى جِنانه، ونَهْيهم عمَّا يقرِّبُهم من سخطه وناره، فهذا هو مقصود الخطبة والاجتماع لها.

• أنه اليوم الذي يُستحبُّ أن يتفرَّغ فيه للعبادة، وله على سائر الأيام مَزِيَّة بأنواعٍ من العبادات واجبة ومستحبَّة، فالله سبحانه جعل لأَهْل كلِّ ملَّة يومًا يتفرَّغون فيه للعبادة، ويتخلَّون فيه عن أشغال الدنيا.

• أنه لما كان في الأُسبوع كالعيد في العام، وكان العيدُ مشتمِلاً على صلاةٍ وقُرْبان، وكان يوم الجمعة يومَ صلاةٍ - جعَل الله سبحانه التعجيل فيه إلى المسجد بدلاً من القُرْبان، وقائمًا مقامه، فيجتمع للرَّائح فيه إلى المسجد الصَّلاة والقربان.

• أنَّ للصَّدقة فيه مزيَّة عليها في سائر الأيام، والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع.

• أنه يوم يتجلَّى الله - عزَّ وجلَّ - فيه لأوليائه المؤمنين في الجنَّة وزيارتهم له، فيكون أقربُهم منهم أقربَهم من الإمام.

• أنه قد فُسِّر الشاهد الذي أقسم الله به في كتابه بيوم الجمعة.

• أنه اليوم الذي تَفْزع منه السَّماوات والأرض، والجبال والبحار، والخلائق كلُّها، إلاَّ الإنس والجن.

• أنه اليوم الذي ادَّخَره الله لهذه الأُمَّة، وأضَلَّ عنه أهل الكتاب قبلهم.

• أنه خِيرةُ الله مِن أيام الأسبوع، كما أنَّ شهر رمضان خيرته من شهور العام، وليلة القدر خيرته من الليالي، ومكَّة خيرته من الأرض، ومحمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - خيرته مِن خَلْقه.

• أنَّ الموتى تَدْنو أرواحهم من قبورهم، وتُوافيها في يوم الجمعة، فيَعْرفون زُوَّارهم ومَن يَمُرُّ بِهم، ويُسَلِّم عليهم، ويَلْقاهم في ذلك اليوم، أكثرَ مِن معرفتهم بهم في غيره من الأيَّام، فهو يوم تلتقي فيه الأحياء والأموات، فإذا قامت فيه السَّاعة التقى الأوَّلون والآخِرُون، وأهلُ الأرض وأهل السَّماء، والرَّبُّ والعبد، والعامل وعمله، والمظلوم وظالمه، والشَّمس والقمر، ولم تَلْتَقِيا قبل ذلك قطُّ، وهو يوم الجَمْع واللِّقاء؛ ولهذا يَلْتقي الناس فيه في الدُّنيا أكثر من التقائهم في غيره، فهو يوم التَّلاق.

• أنه يُكْره إفراد يوم الجمعة بالصَّوم.

• أنه يوم اجتماع الناس وتذْكيرهم بالمبدَأ والمعاد، وقد شرع اللهُ - سبحانه وتعالى - لكلِّ أُمَّة في الأسبوع يومًا يتفرَّغون فيه للعبادة، ويجتمعون فيه لتذكُّر المبدأ والمعاد، والثَّواب والعقاب، ويتذكَّرون به اجتماعهم يوم الجَمْع الأكبر قِيامًا بين يدَيْ ربِّ العالَمين، وكان أحقَّ الأيام بهذا الغرض المطلوب اليوم الذي يَجْمع الله فيه الخلائق، وذلك يوم الجمعة، فادَّخَره الله لهذه الأُمَّة؛ لِفَضْلِها وشرفها، فشرع اجتماعهم في هذا اليوم لِطَاعته، وقَدَّرَ اجتماعهم فيه مع الأُمَم؛ لنيل كرامته فهو يوم الاجتماع شرعًا في الدُّنيا، وقدَرًا في الآخرة، وفي مقدار انتصافه وقت الخطبة والصلاة، يكون أهلُ الجنة في منازلِهم، وأهل النار في منازلهم[14].



[14] "زاد الْمَعاد" ( 1/ 59 ) ملخَّصًا.