آخر المواضيع

الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

الجواب عن اشكال رجوع الامام احمد عن مسائله برواية الكوسج

 
جاء في المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد (2/660):
" مسائل الكوسج إسحاق بن منصور المتوفى سنة (251 هـ) بنيسابور يغرب على أصحابه بأشياء كثيرة. وفي ترجمة: أحمد ابن الربيع قال ابن أبي يعلى (1/43- 44) :
" قلت أنا: وقد روى أبو نعيم بن عدي الحافظ قال: قلت لصالح ابن أحمد بن حنبل: عندنا شيخ يروي حكاية عن أبي عبد الله، أنه قال: قد رجعت عما رواه إسحاق الكوسج عنه. وذكرت له هذه الحكاية، فقال لي صالح: إني بلغني أن إسحاق بن منصور - يعني الكوسج - يروي بخراسان هذه المسائل التي سألت عنها، ويأخذ عليها الدراهم، فغضب أبي من ذلك واغتم مما أعلمته، فقال: يسألوني عن المسائل ثم يحدثون بها، ويأخذون عليها؟ و أنكر إنكارا شديداً، فقلت له: إن أبا نعيم الفضل بن دكين كان يأخذ على الحديث، فقال: لو علمت هذا ما رويت عنه شيئا. قال صالح: ثم إن إسحاق بن منصور قدم بعد ذلك بغداد فصار إلى أبي، فأعلمته أنه على الباب، فأذن له، ولم يتكلم معه بشيء من ذلك.
وقال حسان بن محمد: سمعت مشايخنا يذكرون أن إسحاق ابن منصور بلغه أن أحمد بن حنبل رجع عن بعض تلك المسائل التي علقها، قال: فجمع إسحاق بن منصور تلك المسائل في جراب وحملها على ظهره، وخرج راجلا إلى بغداد، وهي على ظهره، وعرض خطوط أحمد عليه في كل مسألة استفتاه فيها، فأقر له بها ثانيا، وأعجب بذلك أحمد من شأنه " .
وقال أيضاً: " 2/ 174- 176 " : قال أبو عبد الله بن حامد:
" وقد رأيت بعض من يزعم أنه منتسب إلى الفقه يلين القول في كتاب إسحاق بن منصور ويقول: إنه يقال: إن أبا عبد الله رجع عنه، وهذا قول من لا ثقة له بالمذهب؟ إذ لا أعلم أن أحدا من أصحابنا قال بما ذكره، ولا أشار إليه.
وكتاب ابن منصور: أصل بداية حاله: تطابق نهاية شأنه؛ إذ هو في بدايته: سؤالات محفوظة، ونهايته: أنه عرض على أبي عبد الله، فاضطرب؛ لأنه لم يكن يُقَدِّر أنه لما يسأله عنه مدون، فما أنكر عليه من ذلك حرفا، و لا رد عليه من جواباته جوابا، بل أقره على ما نقله، أو وصف ما رسمه، واشتهر في حياة أبي عبد الله ذلك بين أصحابه، فاتخذه الناس أصلا إلى آخر أوانه.
واختلف أصحابه في كتابه: أيقال فيها: قديم لا حكم له؟
فقال الخلال في كتاب العقيقة: إن ما رواه مهنا، قال: سألت أبا عبد الله عن رجل يختن ابنه لسبعة أيام؟ فكرهه وقال: هذا فعل اليهود، وقال لي أحمد بن حنبل: كان الحسن يكره أن يختن - الرجل ابنه لسبعة أيام. إن ذلك قديم والعمل على ما رواه حنبل وغيره.
ولفظ حنبل: أن أبا عبد الله قال: إن ختن يوم السابع فلا بأس، وإنما كرهه الحسن؛ لئلا يشتبه باليهود، وليس في هذا شيء.
وقال عبد العزيز بن جعفر في مسألتين، إحداهما: من كتاب ابن منصور والأخرى: في كتاب المروذي: ما يطابق ما قاله الخلال:
فقال عبد العزيز في الأيمان، في الحدود: وما رواه ابن منصور قديم، والعمل على ما رواه حرب، وصالح: لا يمين في شيء من الحدود. وأن ما رواه المروذي في القائل: " يا لوطي " أنه يسأل عما أراد؟ فإن قال: أردت أنك من قوم لوط: لا حد. قول قديم. والعمل على ما رواه مهنا وغيره: أن عليه الحد.
وهذا القول متميز أن يكون كتاب الكوسج ومسائله، وكتاب مهنا، ومسائله، وكتاب المروذي وما جاء به، تترك لأنها قديمة؛ هذا عندي: لا ينبغي أن يعول عليه، وإثباتها قديماً وجديداً، إلا أن يكون من حيث الاستدلال، لضعف مسألة في كتاب عند طائفة، لعلها قوية عند غيرها، ومع ذلك: فما قدُم وحَدُث في هذا الباب سواء؛ إذ لا مزية لما حدث على ما قدم إلا بمقارنة صريح، فيترك له ما كان من قبله قديما، ومهما لم يوجد ذلك؛ بطل أن يكون القديم دون الجديد.
وليست جوابات إمامنا في الأزمنة والأعصار إلا بمثابة ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من الآثار لا تسقط نهايتها موجبات بدايتها إلا بأمر صريح بالنسخ، أو التخفيف، فإذا عدم ذلك كان على موجبات دعايته، فكذلك في جواباته، إذ العلماء قد أنكروا على أصحاب الشافعي من حيث الجديد والعتيق، وأنه إذا ثبت القول فلا يرد إلا باليقين، فكذلك في جوابات إمامنا " انتهى.