آخر المواضيع

السبت، 28 نوفمبر 2015

ما الذي نؤاخذه على أردوغان في الأزمة التركية - الروسية الأخيرة ؟




عندما أرى تعاطف الإخوة مع تصريحات أردوغان العاطفية، أُقَدّر موقفهم لأنه حاليا في نظرهم -وعاطفيا أقصد- هو البصيص المتبقي من الأمل الذي يمثل نخوة العرب، تماما كما كانوا يتباهون بجُرأة صدام حسين رحمه الله، ولكن يؤسفني أن أُخبركم أن السياسة العالمية لا مكان فيها للعاطفة أو المثالية، وإنما الواقعية ولا شيء غير الواقعية، ونظرا لعقدة النقص والتخاذل الذي تعيشه الأمة، فأصبحنا نفرح بتغريد كل من ادعى وصلا بليلى !

وعندما بدأت أقرأ تعليقات بعض الإخوة على مواقف أردوغان، وتباهيهم بأقواله ظننت أن روسيا هي ناميبيا أو الصومال، وكدتُ أنسى ما ذكرتهُ "مجلة علماء الذرة" الأميركية أن روسيا تمتلك أكبر ترسانة نووية في الوقت الراهن، وتبلغ 8500 رأس نووي، وتستأثر موسكو وواشنطن بحوالي 90% من مخزون الأسلحة النووية في العالم، وتمتلك الولايات المتحدة في الوقت الراهن ثاني أكبر ترسانة نووية في العالم مع حوالى 7700 رأس نووي، كما يفيد تقرير المجلة الأميركية الذي يوضح أنه يستند إلى المعلومات التي تعود إلى مارس 2013.


فماذا الذي جناه فتى كوريا الشمالية من سبه صباح مساء للولايات المتحدة الأمريكية سوى الظاهرة الصوتية، فهو ينبح وهي تخنقه اقتصاديا، فكوريا حاليا بالكاد تمتلك شبكة الهاتف المحمول، ولا يستطيع أحد استثمار فلس فيها.

وهل نفعت القذافي تصريحاته الحمقاء لأمريكا، فهو كان ينبح ويسب وهي تُخطط فأُطيح به في لمح البصر.

لذلك إذا غاب صوتُ العقل، فحتما ستقودك عاطفتك إلى الهاوية، بل هذه شمة النساء، فدائما يثقن في من يمتلك أحلى لسان، وأضخم رصيد من الغزل، ولو كان يقودهن إلى حتفهن، أما الرجال فيقيّمون الواقع وعلى أساسه يبنون خطواتهم.
وسنتزل ونقول بالفعل أن تركيا قد هددت روسيا بهذه الحركة، وأنها بالفعل تقدر على تحمل تكاليفها...

فلماذا إذن هرع أردوغان مباشرة إلى الولايات المتحدة بعد إسقاط الطائرة؟ لدرجة أن بوتين قد استهزأ منه، بأنه قد تصرّف وكأنّنا نحن من أسقطنا طائرته !!
ولماذا لم يرد على القصف الروسي المباشر والعنيف لنفس المنطقة التي أُسقطت فيها الطائرة بعد الحادثة بزمن قصير؟
والسؤال الأمرُّ لماذا بعد هذه الحادثة ، علّقت تركيا طلعاتها مع قوات التحالف التي تحميها فوق سماء سوريا بعد تنصيب روسيا لمنظومة إس 400 في قاعدة حميميم؟ فما دامت قوية بالفعل، فلتقلع الطائرات، ولتهدد روسيا بعدم لمسها !
خلاصة القول أني شخصيا أرى أردوغان كتلك النملة التي أرسلوها لسب الفيل ، ونحن نراها تسبُّه، فصدقنا بالفعل أنها قد أرعبته وأخافته، فكذَّبَنا الفيلُ بتحطيمها !
نحن لا نطعن في أردوغان، فما حققه من إنجازات لتركيا لا يمكن إنكارها، بل هو في ذلك مثال يُحتذى به، لكن ما ننكره أن يُغامر بإنجازاته تلك، ويهدم ما بناه بتصرف متهور، فنحن لسنا بحاجة إلى تصديق أن تركيا ند لروسيا فهذا يستحيل تصديقه، وإنما نحن ضد أن تصير تركيا فأر تجارب للغرب بتوريطها في حرب استنزاف مدمرة لبنيتها التحتية، وأيضا لا نريد لتركيا أن تصير مثل العراق أو ليبيا أو سوريا، تمهيدا لطردها من الناتو، وإرجاعها خمسين سنة إلى الوراء، بذريعة اختراق المجال الجوي لثوان معدودة.
وانتقادنا لتصرفات أردوغان ليس معناه تماهينا مع الموقف الروسي، فنحن لسنا ضد روسيا فقط وإنما ضد كل من يريد تصفية حساباته السياسية والعسكرية فوق تراب الأمة الإسلامية، وإذا كانت هناك مشاكل بين الروس والغرب ، فليُصفوها فوق أراضيهم، ومباشرة وبدون وكلاء، أما أن يتقاتل العدُوّان فوق أراضي المسلمين وبمقدراتهم، فهذا مرفوض بالكلية.